دار المعـرفة للطباعة والنشر   ترحب بكم     ***   ** جديد **  بعون الله تعالى صدرت (موسوعة الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم )12/1 للشيخ الدكتور أحمد الكبيسي     ***   بعون الله تعالى صدرت (مــوســوعـة المعجم المفــهـرس لألفاظ الحديث النبوي الشريف) ضمن 21 مجلد  - لأول مرة في العالم الإسلامي بمنهج علمي موحد     ***   50 عاماً في نشر المعـرفة * * * 50  عاماً في نشر المعـرفة     ***   صدر- جديد- جديد - كتاب للدكتور دلاور صابر { بالإيمان والغذاء نؤخر شيخوخة العقل والجسد}  مزين بالصور     ***   شعارنا:    اتقان في الاختيار       جودة في الاصدار     ***   ا لقـراءة متـعة و غــذاء للـروح     ***   اطلعوا على اصداراتنا من كتب الأطفال { المعرفة للصغار }  سلاسل هادفة وتعليمية     ***   دار المعــرفة للطباعة والنشـر    :    اتـقـان في الاخـتـيـار       جــودة في الاصـدار      ***   جديد   سلسلة " السيرة النبوية الشريفة " 12/1 للأطفال مزينة بالرسوم.     ***  

مقالات
يوم الخميس, 21 تشرين ثاني 2024 

المؤلف :  أ.د. يوسف المرعشلي
الموضوع :  اسلاميات
العنوان :  مميزات الشريعة الإسلامية
التاريخ :  
10-10-2011

      لقد أنزل الله للناس شريعة عادلة ترسم منهجاً للحياة في مختلف أصولها وفروعها هي شريعة الإسلام . فهي الأصول الثابتة التي لا تتغير من صنع الله، وقد بنيت فيها الأحكام على المقاصد والمصالح في واقعها، وفي تغيرها بتغير الزمان والمكان. والحق تبارك وتعالى فيها هو وحده المشرع والمقنن والآمر والناهي، وقد أقام بالشريعة إطاراً عاماً وحدوداً أخلاقية يتطور المجتمع ويتحرك في نطاقها ، تاركاً للأجيال المتوالية تحقيق متطلبات العصور في ظل تغير الظروف الاجتماعية عن طريق اجتهاد الفقهاء . وقد كان المسلمون دائماً وفي كل عصر، وتحت أي ضغط قادرون على التماس شريعتهم في مناهج حياتهم وتنكب طرائق الغير وأساليبه، ومنها استمدوا دائماً قوتهم على مواجهة التحديات.

 

       إن بناء أحكام الفقه الإسلامي قائم على أساس الموضوعية، والتحرر من كل دافع من عصبية أو مصالح ذاتية أو أنانية أو منافع شخصية، ومكاسب فردية، وعلى أساس العدل والحق المجرد، بقطع النظر عن اللون والجنس والقبيلة والعائلة. وقد جمعت الشريعة الإسلامية بين طرفي الواقعية والكمال، فهي تنظر إلى واقع الناس، وتستجيب لحاجاتهم ، وتلبي الضرورات التي تحدث لهم، دون أن تهمل العادات والنظر إليها على نحو يحكم وحدة المجتمع، وهي عند الضرورة القصوى تبيح المحظورات لدفع الضرر، وتقوم على جلب مصالح الناس ودفع الضرر عنهم، وتحقيق العدالة، وتجعل الأصل في الأشياء الإباحة. والشريعة الإسلامية أخلاقية وتربوية تجعل من القوانين مثلاً عليا تكفل تحريك الضمير بعد تربيته ليكون حارساً أميناً على تطبيقها، وهي قبل ذلك كله وبعده ملزمة، لأنها من صنع الله تبارك وتعالى الذي ترد إليه كل الأمور .

 

      وقد جاءت الشريعة الإسلامية ملائمة لطبيعة الإنسان موازنة بين نوازعه الجسمية ومزاجه النفسي والاجتماعي ، فهي لاتتعارض مع أصل خلقته وطبيعته التي جبله الله عليها ، ولا تناقض المطالب الأساسية للمجتمع البشري ، وقد بنيت على جلب المنافع للناس ودرء المفاسد عنهم ، ودفع المشقة ورفع الحرج ، وتقليل التكاليف ورعاية المصالح جميعاً وتحقيق العدالة الشاملة، وقد حرمت في أصولها مساوىء الأخلاق وجعلتها من الكبائر كالزنا، والخمر ،والقتل بدون حق، وحرمت أكل مال الناس بالباطل، وكان من أهم مناهجها تحليل البيع وتحريم الربا .

 

      ومن أبرز مميزات الشريعة الإسلامية أن المسلم يؤمن بها ويقوم بتطبيقها برغبة وطواعية، طاعة لربه وابتغاء لمرضاته وثوابه، ومؤمناً أن بها منفعته وحمايته وتعزيز شخصيته بالقوة والحيوية والقدة على مغالبة خصومه ومواجهة التحديات. لقد علم أعداء الإسلام أن حياة المسلمين قائمة على هذه الشريعة الإلهية، وأنهم ما داموا متمسكين بها فلن يستطيعوا السيطرة عليهم، ودخول بلادهم وتحقيق مطامعهم، فقاموا منذ مطلع القرن العشرين بإزالة دولة الخلافة الإسلامية السياسية التي تطبق هذه الشريعة وتعتمدها دستوراً للحياة ونظاماً للحكم، وقطعوا العالم الإسلامي بعدها إلى دويلات صغيرة متناحرة، وفرضوا فيها حكومات ودساتير وأنظمة وضعية للحكم وشرائع غريبة عن واقعهم وحياتهم، وطبعوهم على هذه الأنظمة، وروضوهم على الخضوع لها وللحكومات المحلية وسلطاتها وجيوشها الأمنية المختلفة، وأبعدوا عن الوجود كل مسلم ملتزم، واخمدوا كل صوت ينادي بالعودة إلى الشريعة الإسلامية الإلهية واتهموه بالرجيعة والتخلف والإرهاب، وصوروه في وسائلهم الإعلامية بأبشع الصور الإجرامية، فإلى متى سيظل المسلمون منهزمين في دينهم، مهمشين عن أداء دورهم في الحياة، أذناباً تابعين لأعدائهم، خاضعين لهم دون أدنى كرامة أو حرية أو إرادة، فالله لا يرضى الذلة لعباده المؤمنين :  ( * ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون *) ( المنافقون : 8 ) وإلى متى سيظل شذاذ الآفاق وأعداء الله والإنسانية يفرضون هيمنتهم ويتحكمون بمصائر الشعوب بالقهر والإذلال ؟

 فهل من وقفة شجاعة وعز وكرامة أيها المسلمون ؟

 من كتاب تزكية النفس.