كيــف نمــوت
هذا الكتاب ليس لمجرد عرض المعلومات العلمية الدالة على الموت التدريجي، الذي تسببه الظروف الحياتية التي نعيشها في واقعنا المادي المؤلم . وإنما هو للتأكيد على أننا نعيش ضمن الأخطار التي نسمّيها بالحضارة الحديثة، وهي في الجوهر تقتلنا على جبهتين، تقتلنا كأفراد، في غذائنا وهوائنا وعلاجنا وطرق حياتنا الاقتصادية والنفسية والاجتماعية ، كما تقتلنا على المستوى المجتمعي في المجالات البيئية والسياسية والثقافية. نحن نموت في حياتنا وهذا تعبير غريب ولكنها الحقيقة ، لقد تعودت الدنيا التي نعيشها على الأوبئة من سارية ومعدية ، راحلة ومستوطنة من طاعون إلى جدري إلى إيدز إلى إيبولا إلى هربس إلى الانفصام والتحرر الزائف، وأصبحت حياتنا مقنعة بالخطر الداهم تحت مسميات وهمية وتحت أخطار نظنها لصالحنا ولصالح كوكبنا وهي في الحقيقة معادية لنا ولكوكبنا دفعة واحدة .
لقد انتشرت الحروب والمجاعات وانتشر الفقر والجهل والمرض، وانتشرت الأمية والأوبئة التلوثية وازداد التضخم والبطالة وامتدت القرصنة إلى الأبعاد العظمى في حياة البشر.
لقد ازدادت معاناة الإنسان على قدر تطوره وامتلاكه لناحية العلم والتطور والإنتاج. لقد وصل الإنسان بمجتمعه إلى شفير الهاوية، فالإدمان والانتحار وتخلل الأسرة والإجرام والانفصام كلها من نواتج عصر السرعة والإنسان السوبرمان والقادم أسوأ.
تفشت الأوبئة والأمراض التي لا قبل للبشرية بها من قبل ، فاحت روائح السقوط والتهتك من بدن الآلة الإنسان والإنسان الآلة . وأصبحت البشرية تأن أنين المحتضر المقبل على الهلاك المحقق .