إن الأمة التى لا تشعر بأهمية الوقت أمة لا تستطيع أن تنهض على قدميها ...
انظروا الى شعائر الإسلام ..كلها مرتبطة بوقت ... الصوات الخمس تتحدد مواقيتها بالوقت ... و رمضان فترة من الزمن يحددها وقت ميلاد الهلال فى أوله وآخره .... و الحج عرفة والوقوف بعرفات له وقت معلوم ..... وكل الشعائر الأخرى حتى زكاة المال يجب أن يحول عليها الحول ..أى العام .
كان بينى وبين أجنبى موعد فتأخرت عليه قليلاً فى الوصول فحين لقانى إبتدرنى سائلا : هل انت مسلم ؟ قلت نعم قال هل تصلى ؟ قلت نعم .. هل حججت .؟ فأدركت ما يعنى وشعرت بحرج شديد ... وكأنه يتهمنى فى دينى لأني لم أقدر قيمة الوقت وألالتزام بموعدي . إن إقامة الحجة على بن آدم يوم القيامة مرتبطة بالوقت .
بسم الله الرحمن الرحيم :{أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير}...سورة فاطر...آية 37 وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :[ لاتزولا قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع . عن عمره فيما أفناه ... عن شبابه فيما أبلاه] – نعم الشباب جزء من العمر لكن وقت الشباب بالذات له حساب آخر – فى اليوم الفلانى فيما أضعت وقتك ؟ فى مجلة خارجة أو تافهه تقلب صفحاتها ... فى اللف والدوران تقود سيارتك فى الطرقات بغير هدى لقرب آذان الفجر .. هل هذه هى أمة محمد خير أمة أخرجت للناس ... سنحاسب على كل دقيقة ... بل على كل نفس .. كل شهيق يتبعه زفير وكأنه يوضع فى صندوق أو خزنة صغيرة ثم تأتى يوم القيامة بكل خزائنك ... تفتح أمام عينيك واحدة تلو الأخرى .... وتعالوا نتخيل : الأولى فارغة ... الثانية أيضا والثالثة والرابعة وما تلاها حتى المائة هذه فيها حضور لدرس ثم صلاة جماعة .. ثم فراغ وتوافه ... ثم ... إن هذا ما سيحدث يا شباب . اننى أحاول أن أبذل مجهود لأجعلكم تؤمنوا وتصدقوا أن للوقت قيمة عظيمة مع إن هذا المعنى مستقر تماما فى عقول أهل الغرب ولذلك يسبقوننا ....
ونقول فى المثل : الوقت من ذهب ...لا والله الوقت أغلى من الذهب ... فالذهب يباع ويشترى اما الوقت فإذا ذهب لا يعود .....إذا ضاع وقتك ضاع عمرك ..
يقول الحسن البصري : ان كل شمس تشرق تقول يابن آدم أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد فإغتنمني فإنك لن تراني الى يوم القيامة . حذار ان تنزل الى قبرك فلا تجد معك رصيد من عمل ... يقول بن القيم إن كل نفس تنفسته وكل عرق أخرجته فى غير طاعة الله سيخرج يوم القيامة فى حسرة وندامة .... هذه قضية إيمانية من علامات غضب الله ومقته للعبد تضييع الوقت ومن علامات محبة الله للعبد أن يجعل شواغله أكثر من وقته ..وطبعا نتحدث عن الشواغل المفيدة فيها نية خدمة دين الله والأمة .
كلمة : أصلى لا أجد ما أفعل ... كلمة قاتلة .. فبداية المعصية فراغ ... إمرأة العزيز راودت يوسف لإحساسها الشديد بالفراغ ... والنسوة فى المدينة .. ان أكثر ما نخافه على الشباب و البنات الفراغ ... شباب ينام فترات طويلة ..ولا يجرؤ على إيقاظه أحد ... بنات تظل بالساعات تضبط ماكياج ... نساء كل يوم لها 3 أو 4 ساعات تسوق ولف فى المحلات .... او جلسات نميمة فى الأندية .. أو مكالمات بعد منتصف الليل ..ونتصور اننا سننتصر .... هيهات انك لا تضيع نفسك فقط إنك تضيع أمة ..... تسيء الى والديك حتى إذا أفقت كانا قد فارقا الدنيا فتندم انك لم تبرهما أحياء .... رأيت عجوز يدخل المسجد ويدخل حوله مجموعة من الشباب فإذا به يبكي .... فسألته ماالذى يبكبك يا سيدى ؟ قال إننى لم أعرف طريق المسجد والصلاة إلا منذ فترة قليلة وأرى الشباب حولي فأبكي أن أضعت عمرى ولم أتعرف الى الصلاة من قبل ... ان ما يحدث لنا نتيجة طبيعية لأمة ضاعت وأضاعت وقتها .. نريد ان نوقظ أكبر عدد ممكن من الغافلين لأن الوقت لم يعد ملكنا ... لو ظللنا على هذه الغفلة ستزداد المصائب ...وسنسأل عن كل شخص كان من الممكن إيقاظه لو لم نتكاسل .....إن إضاعة الوقت جريمة واسمع معي كيف يصفونها .... بقتل الوقت !!! نعم هى جريمة وكأننا أمة تتنفس بربع رئة ... ولذلك جاءنا الأجنبي النشيط واستفاد من خيراتنا وأحسن إستغلالها . اسمعوا معي كيف بلغت هذه الأمة فى يوم من الأيام قمة العالم ..: يقول المحاسبي : والله لو الوقت يشترى بالمال لأنفقت كل أموالي أشتري بها اوقاتا غير خاسر لخدمة المسلمين .قالوا فممن تشتريها ؟ قال من الفارغين ....... ان الجادين المجدين توقفوا لأنه لم يعد احد يفهم .... الكتاب توقفوا عن الكتابة لأنه لم يعد هناك من يقرأ ... جاء رجل لإبن الجوزي يقول له : قف أدردش معك قليلاً ، فقال: أوقف الشمس إذن !!!!!! هناك شباب يجلس ليأكل 3 و4 ساعات ...
سامحوا إنفعالي ولكن الوقت فعلا بيننا قيمة مهدرة ... يقول عمر بن الخطاب : متى أنام ..إذا نمت بالليل أضعت حق ربي وإذا نمت بالنهار أضعت حق الرعية .. تأمل فيحديث النبي صلى الله عليه وسلم : "بادروا بالأعمال , هل تنتظرون إلا مرضا مفسدا أو موتا مجهزا أو هرماً مفنداً أو الدجال شر غائب أو الساعة فالساعة أدهى وأمر". ان وقتك هو عمرك فلا تبع عمرك رخيصاً وتشتري متعة بلا قيمة بأفدح ثمن ..... وتظل تسدد بالعذاب قيمة ما أنفقت من وقتك فى سوق التيه والفراغ.
|