مواضيع أخرى
مقالات
يوم الثلاثاء, 3 كانون الأول 2024
01-09-2013
إن الله سبحانه وتعالى أرسل نبيه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين ولو كره الكافرون، فجعله هادياً ومبشراً ونذيراً بإذنه وسراجاً منيراً، واختاره ليكون سيد رسله، وخاتم أنبيائه، واجتباه وعلَّمه الكتاب والحكمة ليُبيّن للناس معاشهم ومعادهم، ويضعهم على طريق الهداية الإلهية، ويرشدهم إلى الطريق المستقيم، ويُفصِّل لهم، ويسنّ لهم، ويشرح لهم بفعله وقالِه ظاهراً وباطناً، فلمّا هيأه الله تعالى وأكمله، أمرنا باتِّباع سُنته لكونها المصدر التشريعي الثاني وبكونه صلى الله عليه وسلم المشرِّع الثاني بعده تعالى، فقال عزّ وجل: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} فعُلم أن السنة النبوية الشريفة مصدرٌ أساسي للشريعة الإسلامية بعد كتاب الله تعالى، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك: "ألا إني أُتِيتُ القُرآن وَمِثله معَهُ". فالسُّنة النبوية مبيّنة للقرآن الكريم، ومفصّلة لأحكامه، وموضّحة لمشكله ومجْمَله، لذلك كان اعتناء الأمة الإسلامية بها على ممر العصور، ولا تقّل العنايةُ بها عن عنايتهم بالقرآن الكريم، وكما اختار الله تعالى نبيَّه محمداً صلى الله عليه وسلم من بين الأنبياء، كذلك اختار حَمَلةَ هذا الدين ونقلتَه من بين سائر الناس، فقيّض لها في القرون الأولى المشهود لها بالفضل والخيرية صحابةً مخلصين وأنصاراً محبين وأعوناً صادقين، فآزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أُنزل عليه والتقطوا السنة النبوية الشريفة من فاهِ النبي صلى الله عليه وسلم ومن صدره الشريف، من أجل تبليغ سنته للناس أجمعين، فبلَّغوا الرسالة، وأدّوا الأمانة وكانوا خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهمون عن المنكر. وجاء القرن الثاني الهجري المشهود له أيضاً بالخيرية، فقيّض الله تعالى لهذه السُّنّة المطهرة أتباعاً مختارة، وصفوة ممتازة، ندبت أنفسها لخدمة السُّنة المطهرة، فالتقطوا من أفواه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجمعوها، وقطعوا الفيافي للحصول على أثر من آثارها، حتى كان لهم الدور الرائد في حركة تدوين الحديث الشريف والسنة النبوية الشريفة. واعتُبر القرن الثالث الهجري – وهو القرن الذي شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالخيرية – من أزهى العصور للتصنيف والتأليف في السنة والتفنن فيه، فظهرت فيه الكتب الكثيرة الجمّة التي تجمع في بطونها أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة رضوان الله عليهم وفتاوى التابعين رحمهم الله تعالى، وتميَّزت بعض هذه المؤلفات والمصنفات وغيرها بالدقة والترتيب تبويباً وتنسيقاً وغير ذلك، حتى تعددت أنواع المؤلفات في ذلك العصر وأخذت أسماء كثيرة منها: الصحف والأجزاء والنسخ والمسانيد والمصنفات والسنن. فبرزت من بين هذه المؤلفات المتنوعة: الكتب الستة المشهورة التي تعتبر مصدراً أساسياً للسنة النبوية الشريفة، حيث اعتبرت خلاصة للقرنين السابقين. ثم جاء القرن الرابع الهجري فلم يأتِ رجاله على رجال القرن الثالث شيئاً جديداً إلا يسيراً إما استدراكاً أو اختصاراً أو تهذيباً أو استخراجاً عليها وهكذا، ويكفي قول النبي صلى الله عليه وسلم في أصحاب القرون الثلاثة: "خَيرُ النّاس قرني، ثمّ الذين يَلُونَهُم، ثمّ الذين يَلُونَهُم، ثمّ يَفشُو الكَذِبُ". حتى جاء هذا العصر القرن الحادي والعشرين فكان اهتمام العلماء فيه بتحقيق الكتب الستة وفهرستها، وكان لنا سهماً من هذا الشرف حيث وضعنا معجماً مفهرساً لألفاظ الحديث النبوي الشريف المروية في الكتب الستة، والذي يعتبر أول عمل من نوعه بفضل الله تعالى ومنته. موسوعة المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي الشريف تقع في 21 مجلداً ، وهي أول موسوعة كاملة للحديث النبوي الشريف شاملة للكتب الستة، تضم النص الكامل للحديث، من خلال 165,000 لفظة أو مطلب للبحث تقريباً. نسأل الله عزّ وجل أن نكون قد قمنا بخدمة للسنة النبوية الشريفة من خلال عملنا هذا، وأن يتقبله منا وينفع به المسلمين، ونشكره سبحانه وتعالى على تيسيره لنا إصدار هذا الكتاب ليكون موسوعة شاملة وفهرساً للأحاديث النبوية الشريفة الواردة بالكتب الستة، ومرجعاً لشرح غريبها. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين خادمه خليل مأمون شيحا بيروت في: 24 كانون الثاني /يناير 2013 م الموافق في: 12 ربيع الأول 1434 هـ |