دار المعـرفة للطباعة والنشر   ترحب بكم     ***   ** جديد **  بعون الله تعالى صدرت (موسوعة الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم )12/1 للشيخ الدكتور أحمد الكبيسي     ***   بعون الله تعالى صدرت (مــوســوعـة المعجم المفــهـرس لألفاظ الحديث النبوي الشريف) ضمن 21 مجلد  - لأول مرة في العالم الإسلامي بمنهج علمي موحد     ***   50 عاماً في نشر المعـرفة * * * 50  عاماً في نشر المعـرفة     ***   صدر- جديد- جديد - كتاب للدكتور دلاور صابر { بالإيمان والغذاء نؤخر شيخوخة العقل والجسد}  مزين بالصور     ***   شعارنا:    اتقان في الاختيار       جودة في الاصدار     ***   ا لقـراءة متـعة و غــذاء للـروح     ***   اطلعوا على اصداراتنا من كتب الأطفال { المعرفة للصغار }  سلاسل هادفة وتعليمية     ***   دار المعــرفة للطباعة والنشـر    :    اتـقـان في الاخـتـيـار       جــودة في الاصـدار      ***   جديد   سلسلة " السيرة النبوية الشريفة " 12/1 للأطفال مزينة بالرسوم.     ***  

مقالات
يوم السبت, 21 كانون الأول 2024 

المؤلف :  الشيخ خالد الجندي
الموضوع :  اسلاميات
العنوان :  تفقهوا في الدين / الشيخ خالد الجندي - من كتاب فاسألوا أهل الذكر
التاريخ :  
11-04-2003
 

الحمد لله وكفى ، وصلاة وسلاماً على عباده الذين اصطفى . وبعد

 خالد الجندييقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين " أي يفهمه أمور دينه .. تلك هي الحقيقة التي لا مراء فيها ، فكم قابلنا أناساً أفنوا حياتهم في أزقة العيش ودروب المال وتجد الواحد منهم وقد انحنى ظهره ، وشاب رأسه ، وانكمش جلده ، إنما لا يعرف كيف يغتسل من الجنابة ، أو ما الفارق بين قراءة القرآن و " الجرنال " ، وتراه ينظر إليك معترضاً على حكم شرعي نقلته إليه ، أو خائفاً من عقوبة خطيئة تذكره بها ، لأنه لم يسمع بها من قبل ، فقد كان " سيادته " مشغولاً بدنياه ، ولا يبالي بما أكل فيها من الطعام: أمن حلال أو حرام ، فياخيبتاه على عمر قد ضاع ، وواأسفاه هلى أيام ذهبت أدراج الرياح ، وامصيبتاه على عافية وصحة ذبحت قرباناً للوسائد الطرية والعيش الناعم ... وأمسوا كما قيل : ذو العلم يشقى في الحياة بعلمه وأخو الجهالة بالجهالة ينعم والمصيبة أن كل هذه المباهج تذهب لذاذتها وتنسى حلاوتها وتبقى غصة الجهل .. ولا حول ولا قوة إلا بالله ... فهل بعد جهل طريق الله مصيبة ؟ ! وهل هناك قدر خيبة نتائج التعساء الخاملين ؟

ما هو حال المرء إذا وجد زرعه يوم القيامة بلا حصاد ، أو خرج من حياته خالي الوفاض ، ألم يتذكروا قوله تعالى : {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً } الفرقان : الآية 23 . لقد كان عملهم بلا علم يصححه لهم أو يضبط لهم أحكامه فخسروه يوم القيامة ...> الم يتأملوا قوله تعالى : {أفمن يمشي مكباً على وجهه أهدى أمن يمشي سوياً على صراط مستقيم } الملك : الآية 23 .

وأجب أنت على هذا السؤال : هل تتخيل المكبوب على وجهه وكيف يسير ؟ ألم يتدبروا قول الحق : { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون } الزمر : الآية 9 .

 للإجابة على هذا السؤال إليك هذه القصة .. قصة أحد علمائنا الذين تخصصوا في أدق وأعقد التخصصات العلمية والرياضية ، وحصل على أعلى أوسمة الملوك والرؤساء . أسس نظريات وابتكر معادلات وأنشأ معامل وحفر اسمه على صفحات العلم الدنيوي ، وهذا لا شك أمر محمود إذا لم يشغله عن أوجب الواجبات وهو فقه الدين ، وأعني به الحلال والحرام لا غير .. إنما شاءت إرادة الله أن أدخل عليه أثناء احتضاره ، وإذا به يناديني حتى أقترب منه ، وبصوت مرتعش خائف لن انساه طيلة حياتي وجدته يطلب مني أن أعلمه قراءة الفاتحة !!

تصوروا !! الفاتحة يعني حتى لم يكن المسكين يصلي ، لم ينحني بركعة ، أو يعفر وجهه لله بسجدة ! الفاتحة أعظم سورة في القرآن ، الشافية المنجية الواقية ، السبع المثاني ، القرآن العظيم ... لا يعرف عنها عالم الذرة شيئاً ، نفع الناس وأهلك نفسه ، تقرب إلى المادة بالعلم ، ونسي أن له روحاً ستعود إلى من أودعها فيه ، وتترك له الذرة بعلومها ، والكيمياء بمحاليلها والأحياء بطبائعها ، وعبثاً حاولت أن أساعده ، ورحل المسكين إلى ربه لا يحمل معه سوى عمراً مضيعاً وتركته وأنا أدعو الله له بالمغفرة ، ولأهله بالصبر وللعلماء بأن يقوموا بما بعثهم الله له.

 ونرجع إلى الحديث الذي صدرنا به حديثنا ، فما معنى : " من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين " إن معناه صراحة هو أن علامة سلب الخير من العبد هي الجهل بدين الله ، وهذا صنف من الناس پEأعاذك الله منهم پE يصفهم الله بقوله { ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والانس لهم قلوب لايفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون } الأعراف : الآية 179 .

إنني أتعجب من عدم وضوح الغاية أو معرفة الهدف الذي خلقنا الله من أجله عند البعض ، حتى تسمع قائلهم يقولها يتبجح : جئت لا أعلم من أين ؟ ولكني أتيت . ولقد أبصرت طريقاً فمشيت ... هكذا .. بلا غاية .. بلا هدف .. يلا طموح .

إن الذي لا ينشد الجنة ولا يسعى لرضوان الله لهو أسوأ مخلوق ، بل هو أسوأ من الشيطان ذاته ! فإبليس على الأقل يعيش لرسالة وهدف وإن كانت رسالته هي الكفر وهدفه هو النار ، إلا أنه لا يضيع ثانية من وقته إلا في عمل يؤذي به عباد الله أو يضلهم . بيد أن هناك من يدعي أنه من المنتسبين زورا لهذا الدين وتراه عالة على أي ملة أو دين ... يرفض علماء الدين ويشيع عنهم الأكاذيب الملفقة .. يتهكم على المتعبدين ويصفهم بالجمود والتخلف . ويصف القرآن بالأساطير . وينعت السنة بالبلاهة ! حتى إذا أدركه الموت مد أكف الضراعة والرجاء لطلب رحمة الله.