من كتاب " المعجزة الخالدة"
بسم الله، إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، ومن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هاديء له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
ـ قال تعالى:" يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَتَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ" (آل عمران، آية : 102).
أما بعد:
إن هذا العصر، عصر الإزدهار العلمي، وعصر المخترعات والمكتشفات، عصر الذرة، وعصر الأقمار الصناعية والمراكب الفضائية، عصر غزو الفضاء وعصر ظهور الإعجاز العلمي في القرآن الكريم لتحقيق قول الله عز وجل :" سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ" (فصلت، آية : 53).
إن القرآن الكريم هو المعجزة الكبرى وقد تحدى الله عز وجل المشركين أن يأتوا بمثله، قال تعالى:" أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُممِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللّهِ وَأَن لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ" (هود، آية : 13 ـ 14). *
ثم تحداهم بعشر سور :" أَمْيَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ* فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللّهِ وَأَن لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ" (هود، آية : 13 ـ 14).
ثم تحداهم بسورة واحدة :" وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِإِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ* فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ" (البقرة، آية : 23 ـ 24)..
فعجز جميع الخلق أن يعارضوا ما جاء به ثم سجّل على الخلق جميعاً العجز إلى يوم القيامة بقوله تعالى:" قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَيَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا" (الإسراء، آية : 18).
وقد تعددت جوانب الإعجاز القرآني بمعنى عجز البشر عن الإتيان بشيء مثله بتعدد الزوايا التي ينظر منها إنسان محايد إلى كتاب الله، ومن هذه الجوانب:
ـ الإعجاز اللغوي، الأدبي، البياني، البلاغي، النظمي، اللفظي والدلالي. ـ الإعجاز العقدي "الاعتقادي".
ـ الإعجاز التعبدي. ـ الإعجاز التشريعي. ـ الإعجاز التاريخي. ـ الإعجاز التربوي. ـ الإعجاز النفسي. ـ الإعجاز الاقتصادي ـ الإعجاز الإداري.
ـ إعجاز التحدي للإنس والجن مجتمعين على أن يأتوا بشيء مثله في أسلوبه، أو مضمونه أو محتواه دون أن يتمكن أحد من ذلك، وغير ذلك من أوجه الإعجاز.
وفي عصرنا ظهر نوع جديد من أنواع الإعجاز أطلق عليه الإعجاز العلمي ويقصد به ما تضمنه القرآن الكريم من إشارات ودلالات على حقائق علمية كانت مجهولة للناس في وقت نزول القرآن وتعتبر سابقة لعصرها، ولا تتصور أن تصدر من رسول أمي في بيئة أمية، وفي عالم لا يعرف عن هذه الحقائق شيئاً، واشتهر في هذا الميدان كل من الشيخ عبد المجيد الزنداني، والدكتور زغلول النجار وغيرهم من العلماء.
"المعجزة الخالدة" هو كتاب جديد- سيصدر قريباً بعون الله تعالى - أهتم بالإعجاز العلمي في القرآن الكريم بإسلوب سهل مبسط بعيد عن التعقيدات، وحرص الكاتب على تنوير العقول بالبراهين وتطهير النفوس بالأدلة، وإحياء القلوب بالحجج القاطعة وبيان عظمة كتاب الله لأبنائنا بإسلوب العصر، الذي يعتمد على العقل والمنطق والحجة لإقناع الناس بعظمة هذا الدين وروعة هذا القرآن، الذي جاء معجزة خالدة، تنطق بصدق رسالة النبي الأمي "محمد بن عبد الله" صلوات الله وسلامه عليه، سواء أكان المطلّع عليه مسلماً أو من لا يدين بالإسلام، فإن ما حواه الكتاب المنير من علوم ومعارف وبدائع وروائع، حري بكل إنسان منصف أن يطلع عليه ويتفكر فيه ليتبين صدق المعجزة الخالدة وصدق الله العظيم حيث يقول :" أَوَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" (العنكبوت، آية : 51).
ـ وقال تعالى:" قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ" (المائدة، آية : 15 ـ 16).
وفي هذا الكتاب تحدثت فيه عن المعجزة وشروطها ووجوه الإعجاز وعن آيات الإعجاز العلمي في خلق الكون كبدء الخلق ومصيره، وتمدد الكون، ورفع السموات بغير عمد، والتنفس والصعود إلى طبقات الجو العليا، وضياء الشمس ونور القمر، وتسخير الشمس والقمر، وفالق الإصباح وإنشقاق القمر، وآية الليل وآية النهار، وضحى الشمس، ومواقع النجوم، والجواري الكنس، وامتناع سقوط السماء على الأرض، والظواهر الجوية في القرآن الكريم، كالرياح، والسحاب، والمطر، والرعد، والبرق.
وتكلمت عن الأرض في القرآن الكريم وآيات الله في النبات والحيوان والطيور والنحل والنمل والعنكبوت، والفراش، وعن الإعجاز العلمي باسلوب يفهمه الدعاة والخطباء والمثقفون وعامة الناس.
هذا وقد انتهيت من هذا الكتاب عند أذان العشاء الساعة السابعة إلا ربعاً بتاريخ 24/11/1433هـ الموافق 10/10/2012م.
والفضل لله من قبل ومن بعد، وأسأله سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يجعل عملي لوجهه خالصاً ولعباده نافعاً وبالقرآن وهدي النبي صلى الله عليه وسلم عاملاً، ويشرح صدور العباد للانتفاع به، ويبارك فيه بمنه وكرمه وجوده، وأن يثيب أخواني الذين أعانوني من أجل إتمام هذا الجهد المتواضع، ونرجو من كل مسلم يصله هذا الكتاب ألا ينسى العبد الفقير إلى عفو ربه ومغفرته ورحمته ورضوانه من دعائه: " رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ" (النمل ، آية : 19).
ـ وقال تعالى: " مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍفَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" (فاطر ، آية : 2).
ـ وقال تعالى: " سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " (الصافات ، آية : 180 ـ 182).
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.
علي محمّد محمّد الصَّلَّابي
|